musicooo.com
(أعني على ذكرك)، والصلاة من الذكر؛ أي: استعن بالله على الحفاظ على الصلاة، والصلاة عون هي بذاتها، قال الله: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ﴾ [ البقرة:45]. ( وعلى شكرك) شكر النعم بحسبها: تكون بالقول، وبالفعل، وبالقلب، وكما يقال: شكر النعمة عامل دوامها وحفظها، وبشكرها تدوم، وقوله: (وحسن عبادتك) ، ولم يقل: وكثرة؛ لأن الكثرة قد تكون كغُثاء السيل، وكما في الحديث: ( يخرُجُ فيكم قومٌ تَحقِرونَ صلاتَكم معَ صلاتِهم، وصيامَكم معَ صيامِهم، وعملَكم معَ عملِهم، ويقرَؤونَ القرآنَ لا يُجاوِزُ حناجِرَهم، يَمرُقونَ منَ الدينِ كما يَمرُقُ السهمُ منَ الرمِيَّةِ، ينظُرُ في النصلِ فلا يَرى شيئًا، وينظُرُ في القدحِ فلا يَرى شيئًا، وينظُرُ في الريشِ فلا يَرى شيئًا، ويَتَمارى في الفوقِ)؛ الراوي: أبو سعيد الخدري، المحدث: البخاري ، المصدر: صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم: 5058، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، والمولى سبحانه يقول: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [الملك:2]، ليس أكثر، فالنتيجة ليست بالكثرة، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كَرِه الكثرة؛ لأنها قد تؤدي إلى الملل، ثم العجز.
عدد الصفحات: 1 عدد المجلدات: 1 تاريخ الإضافة: 23/3/2015 ميلادي - 2/6/1436 هجري زيارة: 110515 تحميل ملف الكتاب (انقر الرابط بالزر الأيمن للفأرة واختر "حفظ الهدف باسم" أو "Save Target As") اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (مطوية) الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، الحمد لله الذي خلق الإنسان، علَّمه البيان، والصلاة والسلام على الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. أما بعد: فهذه فوائد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم: عن معاذ بن جبل أن رسول صلى عليه وسلم أخذ بيده، وقال: ((يا معاذ، والله إني لأحبك، والله إني لأحبك))، فقال: ((أُوصيك يا معاذ، لا تَدَعنَّ في دُبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك))؛ رواه أبو داود(1522) وصححه الألباني في صحيح أبي داود ( 1522) ♦♦♦♦♦ الشرح الإجمالي: (أعني على) أعني: بمعنى الاستعانة، استعن بالله على ذكره، إياك نعبد، فهي جزء من الصلاة في الفاتحة: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾، وما لم يكن هناك عون من الله للإنسان على طاعته وعبادته، فليست هناك فائدة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول عن معصية، ولا قوة على طاعة إلا بالله سبحانه.
قوله: ((وحسن عبادتك)): على القيام بها على الوجه الأكمل والأتم، ويكون ذلك من صدق الإخلاص للَّه فيها، واتباع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعدم الابتداع فيها. سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: هل الأفضل في دعاء: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) أن يكون قبل السلام أو بعد السلام، أم الأفضل أن يكون في الموضعين معًا؟ فأجاب بقوله: الأفضل أن يكون قبل السلام؛ لأنه هكذا ورد في بعض الروايات، ولأن الدعاء يكون قبل السلام؛ كما في حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد قال: (ثم ليتخيَّر من الدعاء ما شاء)، وعلى هذا فيقول: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك) قبل أن يُسلِّم، وبعد السلام ماذا قال الله؟ ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ ﴾ [النساء:103]، ما قال: فادعوه. وأما قول المصلي حينما يُسلم: أستغفر الله، ثلاث مرات؛ فهذا لأن المقصود بهذا الاستغفار ترقيع ما حصل من نقصٍ في الصلاة، فناسَب أن يكون بعد السلام مباشرة؛ لقاء الباب المفتوح ( 255/22). قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: فدُبر الصلاة يُطلَق على آخرها قبل السلام، وعلى ما بعد السلام، لكن حسب التتبُّع يتبيَّن أن ما قُيِّد بدُبر الصلاة إن كان دعاءً، فهو قبل السلام، وإن كان ذكرًا، فهو بعد السلام، بناءً على ما سبَق من الآية والحديث.
{ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (سورة الزمر: 74). فما أعظم هذه الوصية التي أوصى بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – معاذ بن جبل – رضي الله عنه وأرضاه – فقد خصه بها لشدة حبه له. ونحن له فيها تبع إذا سلكنا طريقه في عاداته ومعاملاته، ونهجنا نهجه في سلوكه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان رضي الله عنه – نعم المطيع لمن أحبه، ونعم القدوة لمن بعده. وأين نحن منه حتى نلحق به ونحشر معه، ولكن رحمة الله واسعة والطاعة على قدر الطاقة. فلندعو الله – عز وجل – عقب كل صلاة بهذه الدعوة الجامعة ثلاث مرات، كما كان يفعل النبي – صلى الله عليه وسلم في دعائه كله. روى مسلم عن ابن مسعود قال: كَانَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا. وليكن دعاؤنا نابعاً من قلوبنا مع الخشوع والخضوع، وإظهار الافتقار التام إلى خالقنا ومولانا. والدعاء مخ العبادة كما جاء في الحديث الصحيح. وقد وعدنا الله بالإجابة إذا آمنا به واستجبنا له فقال – جل شأنه -: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (سورة البقرة: 186).